هل الطابع الأولى لإحساساتنا يعني خلوها من أي نشاط ذهني سابق ؟
أولا : الإدراك الحسي للصورة الكلية
وضعية مشكلة
عرض صور تبين صعوبة الادراك وان مصدر الصعوبة لا علاقة له بالعوامل الذاتية للإدراك بل تخص الموضوع المدرك ، من هذه الصور صورة تبين تداخل الشكل و الأرضية .
بالعودة الى النظرية الحسية نجدها تركز على الاجزاء التي يتركب منها المحسوس وان كل حاسة مسؤولة عن نقل ما يلائمها لتجتمع هذه الانطباعات الحسية على مستوى اللذهن فيحدث الادراك هذا التفسير رفضته النظرية الجشطالتية وهي نظرية اخذت اسمها من gestalt جاشطالت ، أي الشكل يمثلها كوفكا Koffka, Kurt (1886-1941) وكوهلر ) Köhler, Wolfgang (1887-1967 ) Wertheimer, Max (1880-1943وفريتمر . يرى هؤلاء ان الادراك لا ينفصل عن الاحساس وانه ليس مرحلة ثانية بل هو ادراك مند البداية ، ولا يعترفون بوجود احكام عقلية نصبغها على الموضوعات وهذا يتفق مع ما ذهبت اليه النظرة الحسية اما الاختلاف فنجده من خلال رفض الجشطالتيون للنظرة للشيء المحسوس فنحن لاندرك المثلث من رؤية ثلاثة زوايا منفصلة او ثلاثة خطوط متقاصعة بل ندركه ككل هذا الكل هو الذي يفرض ادراكه بصورة معينةومن ثم يصبح المحسوس هو العنصر الاساسي في الادراك وليس الذات بحواسها او افكارها هذا السيء المحسوس والاشياء الاخرى الموجودة في العالم الخارجي منتظمة في صيغ معينة حددها الجشطاتيون واطلقوا عليها قوانين الاتنظام وهي :
1 ـ قانون التجاور :
ويعني ان الموضوعات اذا تجاورت في صيغة معينة فانها تفرض على المدرك ان يدركها حسب الوضعية الموجودة عليها
2 ـ قانون التشابه : من حيث الشكل وللون والحجم والسرعة والحركة فالاشياء المتشابهة تحتم علينا ان ندركها مختلفة عن غيرها .
3 ـ قانون الاستمرار :
الذي يفرض ادراك الموضوع على صيغة معينة اذا انتظم مثلا في شكل نقاط مستمرة .
4 ـ قانون الاغلاق :
يميل المدرك الى تكملة الاشياء الناقصة .
5 ـ قانون الشكل والأرضية :
يحتم على المدرك ادراك الشكل وتمييزه عن الارضية دون ان يحدث العكس فكانت العوامل الموضوعية هذه هي المتحكمة في العملية الادراكية واهملت هذه النظرية العوامل الذاتية وينسحب هذا على كل الحواس فنحن ندرك مثلا اللحن الموسيقي ككل وليس اصوات وانغام صادرة عن الات موسيقية كل على حدى .
ثانيا : الإدراك تعايش مع الأشياء
النظرية الظواهرية
الادراك عند الظواهريين يحدث عندما تتفاعل الذات المدركة مع الموضوع الموضوع المدرك ولكن بمعنى يختلف عن ما ذهبت اليه النظرية العضوية لان الادراك متعلق بالحالة الشعورية الراهنة وبالتالي يتغير مع تغيرها كما يقول هوسرل " أرى بلا انقطاع هذه الطاولة ، سوف اخرج واغير مكاني ويبقى عندي بلا انقطاع شعور بوجود مادي مادي لطاولة واحدة هي هي شعور بطاولة لم تتغير ولكن ادراكي لها ما فتئ يتغير في مجموعة متتابعة من الادراكات المتغيرة " ونفس الموقف عند ميرلوبونتي الذي يؤكد على دور الشعور في الادراك .
ان الادراك في نظر الظواهريين يتعلق بمعرفة و صفية يؤدي اليها عامل الامتداد الذي يتميز به شعورنا فلا ادراك او شعور الا بموضوع و ليس ثمة ما يبرر الحديث ادراكات عقلية خالصة و مجردة فهي لا تحمل معرفة عن العالم الخارجي بل تمثل انشاءات ذهنية و ترفا فكريا لا طائل من ورائه ذلك لان " النزعة الظواهرية تعتقد انه ما من شيء يمكن ان يتبدى الى الانسان غير الظواهر و نحن لا نعرف غير هذه الظواهر "
خاتمة : حل المشكلة
هذه نظريات قدمت تفسيرها لكيفية حدوث الادراك فركزت النظرية الذهنية على دور العقل معتمدة عل فطرية الافكار متجاهلة الواقع الحسي هذا الاخير كانن محط اهتمام النظرية الحسية لكنها اهملت بدورها القدرات العقلية ثم جاءت النظرية الجشطالتية واهملتهما معا وركزت على موضوع الادراك فهي ترى ان كل من الحواس والعقل معرضين للخطأ متناسية ان الموضوع نفسه قد يؤدي الى ادراكه بشكل خاطئ كما هو الحال مع خطأ لاير مولر لنصل الى رأي ربط الادراك بالحالة الشعورية المتغيرة وفسر تغير الادراك بتغير الحالة الشعورية في حين ان الموضوع بطبيعته قابل للتغير و لا دور للشعور في ذلك ثم اذا كان الادراك متغير فاين نعثر على الادراك الصحيح ؟
وبعيدا عن التعصب لموقف معين يجدر بنا تفسير الادراك وكيفة حدوثه بتداخل عوامل مختلفة بعضها يخص الذات كالحواس وسلامتها والميل والرغبة ودرجة الاهتمام بالاضافة الى الخبرة السابقة المخزنة في الذاكرة يضاف الى هذا التخيل والذكاء دون ان ننسى عامل الموضوع أي الشيء المدرك والوضعية التي يكون عليها التي من شأنها تسهيل عملية الادراك او تجعلها صعبة .